x

حسام السكري اقتلوا هذا الخبير الاستراتيجى حسام السكري الثلاثاء 05-05-2015 21:56


تتكشف يوما بعد يوم، تفاصيل جديدة عن المغامرات المصرية مع الأسطول السادس الأمريكى. منذ أيام، زف لنا أحد الخبراء الاستراتيجيين خبرا عن إحباط القوات المصرية محاولة أمريكية قام بها جنود المارينز لاقتحام شواطئنا. وبحسب ما قال فإن القوات البحرية المصرية وسلاح الطيران، نجحوا فى التصدى لعملية ضمت قطعا بحرية ومقاتلات أمريكية وجنود المارينز، وأننا منعنا ما وصفه بأنه محاولة «لاحتلال» شواطئنا.

ويأتى هذا الخبر الكاشف بعد أيام من إعلان «خبير استراتيجى» آخر أن «الدفاعات الجوية المصرية فى المنطقة الغربية نجحت فى إسقاط طائرة أمريكية تتجسس على الجيش المصرى».

وبالطبع تتواضع قيمة الخبرين أمام القصة التى سبق ترويجها على نطاق واسع والتى تقول إننا لم نقم فقط بدحر الأسطول السادس، وإنما أسرنا قائده بواسطة رجال البحرية المصرية.

ولو اتفقنا بداية على بديهية أن الإعلام المصرى اليوم أصبح موجها إلى حد كبير، وأن محطات التليفزيون وبرامج التوك شو على وجه الخصوص تحظى بالقدر الأكبر من اهتمام موجهى الشؤون المعنوية، سيتبادر إلى الذهن عدد من الأسئلة:

الأول عن الهدف من محاولة تصوير الولايات المتحدة الأمريكية باعتبارها الشيطان الأكبر، فيما يبدو انحرافا واضحا عن التوجه الاستراتيجى المصرى الذى بدأه الرئيس السادات ولم يحد عنه أحد منذ عقود. بل ويتناقض الأمر تماما مع تصريحات رئيس الدولة عن أهمية استمرار التعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية. ما هو إذن الهدف الاستراتيجى الذى يخدمه نشر أخبار مكذوبة عن مواجهات وهمية تتحرك فيها البحرية المصرية، وتحلق قوات الدفاع الجوى، وتسقط الطائرات الأمريكية فى عمق البحر؟ هل يمكن أن يكون هناك هدف يتجاوز «الكيد» ومحاولة «إغاظة» أمريكا التى لا يوجد أى دليل على أنها تشاهد هذه البرامج أصلا؟

التساؤل الثانى عن المتحدث العسكرى. أين هو ولماذا يتضاءل دوره أمام دور كتيبة الاستراتيجيين التى يفتى أفرادها تقريبا فى كل الأمور؟ وهل من المسموح أو المقبول لأى لواء متقاعد أضاف لاسمه كلمة «خبير استراتيجى» أن يتعدى على دور المتحدث المعين من قبل المؤسسة العسكرية؟ أفترض أن المتحدث هو الوحيد، المصرح له بتمثيل المؤسسة وإصدار التصريحات والرد على الاستفسارات، ولا أفهم إن كانت هناك حكمة وراء ما يقوم به الاستراتيجيون، بخلاف «الغلوشة» أو اختلاق قصص تشغل الناس، وتضر على المدى البعيد أكثر مما تنفع.

أما التساول الثالث، فهو عن المؤهلات التى يتحول بمقتضاها متقاعدو أجهزة الأمن، إلى خبراء استراتيجيين. هل مجرد الوصول إلى رتبة عليا فى الجيش أو الشرطة، يكفى لتحول الإنسان إلى خبير استراتيجى؟ وهل يأتى الخبراء جميعا من أسلحة أو قطاعات «استراتيجية» بعينها، أم أن الرتبة والتقاعد يكفيان؟

التساؤل الرابع عن «هيبة الدولة» وقواتها المسلحة. هل هناك من يشعر بالقلق من المادة الخصبة والغزيرة التى ربما تشكل وقودا لجلسات السمر فى «فيسبوك» و«إشعال» الإنترنت بالنكات؟ ألا يمكن أن يؤثر هذا سلبا على صورة مؤسسات الأمن، ويقدم انطباعًا غير إيجابى عن كفاءة من خدموا فى الرتب العليا فى المؤسستين؟

لا أعرف المسؤول الذى يحرك خطة التوجيه المعنوى فى الإعلام المتلفز، ولكننى أدعوه للنظر فى هذه الأسئلة، ولقتل هذا النموذج الفج من نماذج الارتزاق على حساب المشاهد المصرى. وإذا لم يصدق خطورة المسألة فعليه فقط أن يكتب كلمة «الخبير الاستراتيجى» فى يوتيوب ويشاهد النتيجة.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية